Header

سيمون

كان عقد الثمانينات بداية ثورة موسيقية جديدة نقلت الأغنية العربية من إطارها التركي الذي يعتمد في الأساس على آلات شرقية مطعمة ببعض الجمل اللحنية والآلات الغربية، إلى إطارها الحديث حيث تصبح الأغنية في حد ذاتها مسرحًا لها ما يلائمها من أدوات دون التقيد بشكل أو إطار معين، وكذلك وصول التكنولوجيا الحديثة إلى ستوديوهات التسجيل بقيادة حميد الشاعري ومجموعة متميزة من الشعراء والملحنين.

لكن بقيت الأغنية في هذا العصر تنتظر تلك الفتاة الصغيرة القادمة من حي شبرا التي تجاوزت العشرين من عمرها لتهبها «الشقاوة» الحقيقية التي كانت تفتقدها، ويبحث عنها هذا الجيل.

وبوجه مثلث وملامح اختلطت فيها الحضارة الفرعونية بالإغريقية، وأصول صعيدية وصوت يحمل بين طياته شقاوة شابة حملت في عينيها حبًا شديدًا للحياة، وعلى خشبة مسرح مهرجان الصداقة المصرية اليونانية وباللغة اليونانية قدمت أولى أغنياتها باللغة اليونانية، لتخوض بعد ذلك سيمون فيليب كامل الشهيرة بـ«سيمون» رحلتها الفنية القصيرة، التي بدأت بألبوم «تاني تاني» الذي كانت بعض ألحانه لأغاني فرقة «modern talking» الألمانية.

ذلك الألبوم الذي ردد من أجله شباب الثمانينيات أغنية «تاكسي» من كلمات محمد ناصر وألحان حميد الشاعري، وهم يتعرفون للمرة الأولى على صوت ظنوه في البداية ضعيفًا يدغدغ فقط بشقاوته منطقة ما في صدورهم لم يتعرفوا عليها بعد، بدا الألبوم مفعمًا بالبهجة، لكن ميله للأغنية الغربية فقط جعل بعض المستمعين يحجم عن الاندماج مع شقاوته .

قليلون هؤلاء الذين مثلوا أمام فاتن حمامة ولاحظتهم الكاميرا، أو غنوا أمام محمد منير وأدرك الميكروفون صوتهم، لكن سيمون جمعت الحسنيين في فيلم واحد من إخراج خيري بشارة، حين قدمت دور لمياء ابنة فاتن حمامة، التي عملت كممرضة وعشقت زوج أختها عرابي قبل أن تنتحر حرقا بالنار.

كان موعدها الأول مع الكاميرا مختلفًا، تخلت عن شقاوتها للمرة الأولى وظهرت كممثلة حقيقية ذات موهبة واضحة، وكأنثى جميلة تثير أحلام الشباب.

كان فيلم «يوم مر ويوم حلو» شهادة ميلاد لفنانة تجاوزت مرحلة الانطلاق وباتت قدماها أكثر ثباتًا.

تقدم سيمون ألبوم «ألو ألو» مستمرة في طريقها الذي بدأ يتضح، وتبقى أغنية «مظبوطة» علامة ذلك الألبوم، وهي الأغنية التي رددتها شابات نهاية الثمانينات، واستغلها شباب تلك الفترة لمعاكستهن، ربما لأن الأغنية كانت تتناول «المعاكسة» قبل ظهور التحرش، لكنها كانت تعبر عن حالة من الحرية التي تطمح إليها الفتاة المصرية في هذا التوقيت.

حققت الأغنية نجاحًا ملحوظًا خاصة بعد اختيارها للتصوير من أغاني الألبوم، بما فيها من نموذج واضح للزي والمكياج وقصات شعر مرحلة الثمانينات، لكن سيمون كانت على موعد آخر في طريق آخر مع الفن، خاصة مع النجاح المتوسط الذي حققه ألبوم «أحب أقولك» الذي تلى هذا الألبوم، رغم بداية استخدام بعض أنواع المقسوم الشرقي في ألحان أغانيها، ثم ألبوم «باتكلم جد» صاحب أشهر دويتو أدته في تاريخها الفني أمام الفنان حميد الشاعري، والذي حقق نجاحًا كبيرًا

0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *